26‏/6‏/2014

بيان الأمانة العامة لهيئة التنسيق المركزية حول ثورة العراق الظافرة


بيان الأمانة العامة لهيئة التنسيق المركزية لدعم الانتفاضة العراقية حول ثورة العراق الظافرة

يا جماهير شعبنا العراقي الصامد الثائر
أيها الأخيار والأحرار في العالم

السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته
تتقدم انتفاضة شعبنا الوطنية بعد صمودها البطولي على مدى أحد عشر عاما من ألأعوام القاسية التي مرت على الشعب العراقي لتتحول يوماً بعد يوم إلى إرادة وطنية للتحرير لإسقاط سلطة المالكي العميلة وإلغاء العملية السياسية التي فرضها الاحتلال الأمريكي البغيض وحلفائه.
لقد عبرت الانتفاضة الوطنية العراقية السلمية من خلال التظاهرات والإعتصامات الجماهيرية الواسعة في شتى ربوع العراق بكل وسائل التعبير السلمي للمطالبة بالحقوق والكرامة الإنسانية، لكنها ووجهت دائماً من قبل سلطة المالكي المستبدة بمزيد من القمع والمجازر الدموية وتجاهل أبسط الحقوق الإنسانية. ولم تتمسك السلطة في مواجهة الانتفاضة ومحاولات إنهائها بكل الوسائل القمعية حين ظلت تتجاهل المطالب الشعبية المشروعة لأبناء شعبنا فحسب؛ بل ذهبت سلطة المالكي بعيدا في توسيع حملتها الدموية بتبنيها خيار الحرب الشاملة على الشعب بعد أن فقدت السيطرة على محافظات الأنبار والموصل وصلاح الدين و ديالى وسقوط المدن تباعا تحت سيطرة الثوار من المقاومين وثوار العشائر.
إن سلطة المالكي وأتباعها وهي تواجه انتفاضة وثورة شعبية عراقية باتت تهدد وجودها شرعت في تنظيم حملة عسكرية دموية واسعة استهدفت المحافظات العراقية الست المنتفضة ولتتوسع في عدوانها اليوم في شن الحرب على الشعب العراقي كله بكل طوائفه وقومياته، من خلال المغامرة بمحاولات إشعال حرب أهلية ذات بعد طائفي مقيت تجري التعبئة لها اليوم على قدم وساق، وهي تظن بأنها من خلال مغامرتها الحمقاء هذه ستخرج من المأزق المحتوم لسقوط سياسات حكومة المالكي، بعد أن فشلت العملية السياسية برمتها، وقرب سقوط النظام والسلطة والحكومة والبرلمان بعد استفحال مفاسد التزوير والنهب وإقصاء الخصوم والسعي الواضح إلى تكريس وبقاء دكتاتورية ثيوقراطية فاشية مرتبطة بإيران، وتعمل في ذات الوقت على تنفيذ المخططات الأمريكية في محاولات تقسيم العراق بعد فدرلته وتحويله إلى مجموعة من الكانتونات الطائفية وفق مشروع بايدن الأمريكي وما وضعه المحافظون الجدد في مشروعات غزو العراق واحتلاله.
إن ما يجري في بلادنا اليوم هي ثورة شعبية واسعة، يلتحق في صفوفها ثوار من أبناء العشائر وتشترك فيها كل فصائل المقاومة والقوى الوطنية الرافضة للاحتلال والعملية السياسية ولدستورها المشبوه البغيض، وهي تعبر في جملة مطالبها التي أعلنها الثوار بشكل واضح وصريح برفضهم لكل أشكال الإرهاب ومسمياته ومنظماته ومليشياته الطائفية، وهم يرفعون بنادقهم اليوم بوجه سلطة المالكي وحلفائه بعد أن فشلت كل المساعي التي عبرت عنها الجماهير مع السلطة التي تجاهلت بشكل وقح، وعلى مدى الأعوام السابقة جملة المطالب السلمية الشعبية التي رفعتها الجماهير في كافة مدن العراق، فكان لابد من الخيار الثوري المسلح كتعبير عن رفض شعبنا للظلم والاستبداد والكفاح من اجل استرجاع الحرية والاستقلال الوطني وإقامة نظام سياسي وطني ديمقراطي تعددي بديل عنها، والشروع من اجل إعادة بناء وإعمار العراق وتنميته بشكل حضاري وإنساني.
وبصمود جماهير مدن الانتفاضة الوطنية وسكان المدن المحررة  تلتحق جماهير واسعة بمزيد من الالتزام والتنظيم والانضباط لحماية المدن والبلدات والمؤسسات المُحَرَّرة التي شرعت بتنظيم حياة السكان واستعادة أجواء السلم الاجتماعي وحماية السكان؛ لكن حكومة المالكي، وبعد صدمتها بانهيار معنويات قواتها العسكرية ومليشياتها ، وخاصة بعد صمود الفلوجة وتحرير الموصل، لجأت إلى قصف المدن  وتشريد السكان وفرض الهجرة القسرية وتسليط القمع الطائفي وبتجييش القوى العسكرية من خلال توسيع التطوع الطائفي، موظفة عدد من الفتاوى المشبوهة الداعية إلى ما يسمى " الجهاد الكفائي"، وبزج عشرات المليشيات الطائفية القديمة منها والجديدة، محاولة منه للقضاء على الانتفاضة الوطنية والثورة العراقية الكبرى التي بدأت بتحرير المدن وهي تدافع عن الجماهير التي عانت طويلا من سنوات الغزو والاحتلال وقمع الحكومات العميلة المتعاقبة.
وللأسف فان هذه الانتفاضة والثورة الوطنية في العراق يتم تحجيم أخبارها، وتشويه أحقية مطالبها المشروعة، وحجب التغطيات الإعلامية المنصفة لفضح المجازر المتتالية في كل من الحويجة والفلوجة وسليمان بيك من قبل وسائط الإعلام المحلي والعربي والأمريكي خاصة. والانتفاضة الوطنية العراقية التي توجهت إلى العمل الثوري، تكشف للعالم عن مدى قدراتها في التحمل طوال سنوات العقد الدموي الأسود من سنوات الاحتلال، قدمت جماهير شعبنا العراقي من خلاله مئات الألوف من القرابين والشهداء والضحايا والمعتقلين وملايين المشردين والمُهجَّرين داخل وخارج البلاد،، وقد عمدت جماهير شعبنا طريقها نحو الحرية بسيول من الدماء الزكية والآلام والدموع والمعاناة الإنسانية التي فاقت كل الحدود.
يتداول الإعلام المرتزق اليوم القضية العراقية كحدث طارئ بما تحمله الأنباء المتسارعة، ويركز على أخبار العراق كحدث الساعة الأكثر سخونة بما يصل من أخبار، ولكن يجري اختزال أحداث العراق في تضخيم ظهور بعبع " داعش"، وهي في الحقيقة محاولات مقصودة تتجاوز ما يجري فعلاً على الأرض العراقية من الحقائق الثورية والإنسانية، عندما اختار شعبنا طريق الثورة والانتفاضة لإحداث التغيير المطلوب والمُنتَظَر في العراق، ما بعد سنوات الاحتلال وفشل حكومات العملية السياسية، وما لحق بما سُمي بالخيار الديمقراطي عبر الصندوق من تطبيقات وممارسات التزوير والفساد الإداري والمالي والسقوط الأخلاقي العام للسلطة، التي أفضت بمجموع ممارساتها إلى قيام دكتاتورية دموية سوداء تتجلبب بحماية الرداء والعمامة الطائفية في سلب الجماهير المظلومة والكادحة والمُظَللة حقوقها بتزوير إراداتها في إيصال ممثليها الحقيقيين إلى السلطة والحكم من خلال الانتخاب عبر صناديق الاقتراع .
شعبنا يعبر عن استعداد كبير للجماهير العراقية المنتفضة في أخذ المبادرة التاريخية لإنجاز التحرير الكامل للعراق. ويرتبط هذا التغيير المرتقب على كل المستويات بشكل وثيق بوجود وتشكيل قيادات ثورية ميدانية، سياسية وعسكرية ، تمثلت في الانضمام أو التنسيق مع المجلس السياسي العام لثوار العراق، وذراعه المجلس العسكري العام لثوار العراق وأبناء العشائر من الثوار، وفي كل ذلك تتمثل اليوم كافة فصائل المقاومة العراقية والقوى الوطنية الرافضة للعملية السياسية وما يجري على ارض العراق من مظالم وانتهاكات لحقوق الإنسان.
وعلى الجهة المقابلة يسعى المالكي وحلفائه ، وبمساعدة الإعلام الطائفي والعربي والأمريكي إلى توظيف الترهيب باسم خطر "داعش" أو ربطه لوضع العراق في سياقات بما يسمى " الحرب على القاعدة" و " الحرب على الإرهاب" ... الخ، وتحاول هذه الحملة الإعلامية والسياسية المشبوهة زج أبناء العراق وبشراسة في أغراض خبيثة وخطرة، باتت واضحة المقاصد والأهداف، تتجلى أولا وأخيرا بمحاولات إجهاض الانتفاضة والثورة الشعبية العراقية المسلحة، ومنعها من الامتداد عراقيا وعربيا، كونها باتت بديلا ثوريا للتغيير المطلوب، بعد إخفاقات ما سمي بالربيع العربي وفشل دمقرطة الحكم في البلدان العربية بسبب التدخلات الأمريكية وفرض الوصاية الرجعية على عمليات التغيير الديمقراطي المنتظر شعبيا.وهي تسعى أساساً إلى تقسيم العراق وفق مخططات (سايكس ـ بيكو ـ بايدن).
لقد بات الخيار الثوري لشعوب المنطقة حتميا ويتجلى بوجود تجربة وخبرة لدى المقاومة العراقية وصمودها مثلا يمكن الاحتذاء بِهِ في أكثر من بلد عربي.
ولا يُخفى على الجميع إن العراق اليوم بات ساحة لصراع إرادات دولية وإقليمية وتقف خلف الصراع الدموي في العراق مصالح وقوى وجهات عدة،  تقف في مقدمتها ، حسب الترتيب النسبي،  المصالح الأمريكية والصهيونية والإيرانية، في المقام الأول تتقاسم أمريكا وإيران تلك المصالح، تليها مصالح دول الإقليم الشرق أوسطي، ومنها دول عربية وأجنبية مجاورة ، أسهمت البعض منها وللأسف في تسهيل احتلال العراق والتآمر عليه، وبعدها اعترفت تحت الإملاءات الأمريكية بدُمية سياسية تمثلها حكومة عراقية طائفية عميلة وفاسدة حتى النخاع، يتشارك فيها أولئك الذين جلبهم الاحتلال ليكَّون منهم المحتل الأمريكي وشركاته الاحتكارية ومخابراته مجرد واجهة لنهب العراق وهم في الحقيقة مجرد ممثلي شركة مقاولات محلية وظيفتها حكم العراق بإدارة أمريكية وبتنسيق إيراني لتنظيم صفقات النهب للثروات العراقية، واستكمال استباحة وتدمير موقع العراقي الحضاري وإلغائه من الوجود كدولة ومجتمع .
لا شك إن شعب العراق وطلائعه الوطنية أدرى بما يريده هذا الشعب العريق بحضارته وحضوره الفاعل كدولة ومجتمع، وقد تم رفض الأمر الواقع الذي فرضه الاحتلال بالتعبير عن السخط والرفض وعدم الخضوع لما يجري بقوة القمع والإذلال، وعندما فرضت المقاومة العراقية على المحتل الأمريكي الانسحاب من العراق وجعلت من مغامرته العسكرية أضحوكة وسخرية العالم من حماقة الإدارات الأمريكية التي لم تراجع  حتى اليوم  مدى فداحة جريمتها في غزو واحتلال العراق، وهي تتشبث اليوم من خلال تدخلها المباشر من خلال زيارة تصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري لإدامة بقاء حكم عملائها، رغم ما بينته الأيام من أن هؤلاء العملاء عاجزون أن يكَّونوا دولة ولا حتى إدارة حكم لمعالجة الأزمات، فكان طريقهم النهب والفساد وتكريس الطائفية ومحاولات زج الشعب في أتون حرب أهلية تأخذ لبوساً طائفياً .
 إن شعبنا الذي خَبرَ كل هؤلاء سيسقط تلك المشاريع الإستعمارية وسيظل ينتصر لوحدته الوطنية والترابية واستمرار المطالبة بنيل حريته الكاملة وانجاز إعادة بناء دولته الوطنية المستقلة فعلاً.
وهذه الأهداف المستقبلية لا يمكن انجازها في ظل وجود قوى احتلال طامعة ومتنفذة  وبوجود حكومة ونظام فاسد فكان قرار الانتفاضة ومن ثم الثورة هو الرد الأنسب لذلك. كلنا يقين أن لا يضيع حق لأي شعب يسلك طريق الثورة مهما طال الزمن.
وبتقدم انتفاضة شعبنا الوطنية وتحول الثورة إلى إرادة وطنية للتحرير لإسقاط سلطة المالكي العميلة وإلغاء العملية السياسية التي كرسها الاحتلال الأمريكي البغيض. ان القوى الثورية لا تخفي ملامح برنامجها للتحرير من خلال مطالبتها وسعيها الى إلغاء العمل بالدستور الذي فُرض على شعبنا بوسائل الاحتلال والقمع والتزوير للإرادة الشعبية، وكذلك إلغاء كافة القرارات والقوانين الظالمة التي صدرت منذ الاحتلال وحتى اليوم، مثل قانون المسائلة والعدالة واجتثاث البعث وقرار حل الجيش العراقي وقانون الإرهاب وقوانين إعلان حالة الطوارئ، وإيقاف كافة إجراءات حملة التعبئة والتطوع الطائفي التي تنفذها حكومة المالكي، ولا بد من إصدار عفو عام لكل أحرار العراق وإطلاق كافة سراح الأسرى والمعتقلين والمحجوزين منذ بداية الاحتلال والى اليوم ، وهي تعد شعبنا بإجراء حوار وطني شامل، لا يستثني أحدا يقوم على أساس المساواة في الحقوق والفرص المتكافئة؛ بشرط الالتزام بحقوق العراق ومصالحه ووحدة شعبه وأراضيه، مع ضمان حقوق كافة المواطنين وإنصاف عوائل الضحايا من خلال مؤسسات قضاء عادل ومستقل استقلالا كاملا .
كما يسعى ثوار العراق إلى تشكيل حكومة وطنية انتقالية تتكون من الوطنيين المستقلين المشهود لهم بالكفاءة والخبرة والسمعة الطيبة لفترة انتقالية معينة يم الاتفاق عليها.  خلالها لا بد من انبثاق مجلس وطني تأسيسي مؤقت يشترك فيه ممثلون عن جميع القوى الوطنية العراقية تكون أولى مهماته وضع دستور جديد للعراق يلبي طموحات شعبنا العراقي في الوحدة والبناء الوطني الشامل والتنمية واعتماد مبدأ الديمقراطية وقبول التعددية السياسية وضمان احترام حقوق الإنسان.
ولا بد من إعادة بناء القوات المسلحة العراقية وتنظيم وإدارة الأجهزة الأمنية بما يضمن وحدة أبناء العراق في قوانينها وأنظمتها وتقاليد عملها الوطنية الراسخة منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة.
إن هذه المبادئ والمطالب باتت مطالب مشروعة لأبناء شعبنا وثواره، وهي قابلة للتنفيذ بإرادة أبناء وأحرار العراق والتي يمكن اعتمادها وإقرارها خلال  مؤتمر وطني عراقي يضع آليات ومبادئ الحل الشامل والجذري والنهائي  بإقامة النظام السياسي الوطني التَعددي الديمقراطي، بلا إقصاء أو اجتثاث أو استبداد أو تفرد لأية جهة، ولا يضير في ذلك الأمر أن يكون هذا المؤتمر تحت مظلة عربية ودولية ضامنة و موثوقة لحقوق أبناء العراق وثواره.
عاشت انتفاضة وثورة شعبنا العراقي البطل
المجد والخلود لشهداء شعبنا من اجل الحرية والتحرير

الامانة العامة لهيئة التنسيق المركزية لدعم الانتفاضة العراقية

26 حزيران/ يونيو 2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق